زائر غامض من الفضاء السحيق و”قمر عملاق”.. سماء ديسمبر 2025 تعد بمفاجآت فلكية استثنائية

يبدو أن شهر ديسمبر 2025 يحمل في جعبته الكثير من المفاجآت السماوية التي تجعل منه واحداً من أكثر الشهور إثارة للمراقبين منذ سنوات، حيث تتجه الأنظار وتلسكوبات الوكالات الفضائية نحو السماء لرصد أحداث استثنائية، أبرزها زائر غامض قادم من نظام شمسي آخر.

زائر غريب يثير الجدل

الحدث الأبرز الذي يشغل الأوساط العلمية ومنصات الحديث حالياً هو المذنب “3I/ATLAS” الذي يقوم برحلة طويلة لزيارتنا هذا العام. هذا الجرم هو ثالث جسم بين نجمي (interstellar) يتم تسجيل اختراقه لنظامنا الشمسي، ومثلما حدث مع سابقه في عام 2017، عاد السؤال القديم ليطرح نفسه بقوة: هل نحن أمام تكنولوجيا فضائية غريبة؟ جون تونري، الفلكي وعضو الفريق الذي صمم نظام التنبيه الأخير لاصطدام الكويكبات التابع لناسا، يراهن بمنزله على أن هذا المذنب ليس “هدية أعياد” من كائنات فضائية، لكنه يؤكد في الوقت ذاته أنه يمنح العلماء فرصة نادرة جداً لدراسة تكوين الكواكب حول نجوم أخرى بعيدة عنا.

براكين جليدية ومفاجآت علمية

بعيداً عن خيال عشاق الفضائيين، الحقائق العلمية حول هذا المذنب لا تقل إثارة. فقد رصد الباحثون أدلة تشير إلى أن المذنب، ومع اقترابه من الشمس، بدأت سلسلة من “البراكين الجليدية” في الثوران على سطحه. دراسة حديثة نُشرت في أواخر نوفمبر، قادها جوزيب تريجو رودريجيز من معهد علوم الفضاء في إسبانيا، كشفت مفاجأة غير متوقعة؛ فعلى الرغم من أن المذنب قادم من نظام كوكبي نائي، إلا أن تركيبته تشبه بشكل مذهل الأجسام الموجودة في حزام كايبر خلف نبتون في نظامنا الشمسي. هذا التشابه المادي بين “الغريب” وبين “أهل الدار” أصاب الفريق العلمي بالدهشة، ويشير إلى قواسم مشتركة في تكوين الأجسام المتجمدة عبر الكون.

سباق مع الزمن للرصد

الوقت ليس في صالح العلماء، فالمذنب “3I/ATLAS” سيصل إلى أقرب نقطة له من الأرض يوم 19 ديسمبر، قبل أن يغادر نظامنا الشمسي للأبد في العام المقبل. ومع تسخين الشمس لسطحه وتسامي الجليد إلى غاز، ينكب الفلكيون حالياً، باستخدام مراصد مثل “خوان أورو” في كتالونيا، على جمع أكبر قدر ممكن من البيانات حول هذا الجسم الذي قد يكون أقدم من نظامنا الشمسي بمليارات السنين، لفهم الظروف المحيطة بالنجوم الأخرى وفي الماضي السحيق.

خريطة سماء ديسمبر المزدحمة

على الجانب الآخر، لا تقتصر إثارة ديسمبر على هذا الزائر العابر. فقد أصدرت ناسا وناشيونال جيوغرافيك تقارير تؤكد أن الشهر مليء بالأحداث. البداية ستكون مع “قمر البرد” يوم 4 ديسمبر، وهو آخر قمر عملاق (Supermoon) في عام 2025، حيث سيظهر القمر أكبر وأكثر سطوعاً بشكل ملحوظ، خاصة لحظة شروقه من الأفق الشرقي. ولحسن الحظ، يتزامن هذا النشاط مع رصد ثوران شمسي قوي من الفئة X في نهاية نوفمبر، مما يعزز فرص رؤية الشفق القطبي مع اقتراب الانقلاب الشتوي.

عطارد والتوأميات ومسك الختام

لمحبي الاستيقاظ المبكر، يوم 7 ديسمبر يمثل فرصة ذهبية لرصد كوكب عطارد في أفضل ظهور صباحي له هذا العام، حيث سيلمع بوضوح قبل شروق الشمس. وفي مساء اليوم نفسه، سيشهد الغرب اقتراناً بديعاً بين القمر والمشتري يمكن رؤيته بالمنظار. أما ذروة المتعة البصرية فستكون ليلة 13-14 ديسمبر مع زخة شهب التوأميات (Geminids)، التي تُعد الأفضل سنوياً. الظروف هذا العام مثالية للغاية، فالقمر سيكون مجرد هلال رفيع يغيب مبكراً، تاركاً السماء مظلمة لتسمح برؤية ما يقارب 120 شهاباً في الساعة، في عرض سماوي يودع به عام 2025 عشاق الفلك بأفضل طريقة ممكنة.